فصل في مبطلات العصيد
------------------------------
فصل في مبطلات العصيد:
يبطلها الحلافيص وبرودتها ، وعدم نجاحها وحريقها، والتشقق بعد التفروصه. والأولى وضعها في
صين أو نحاس . والصحفة الفطحا أحسن من الغويطه، ويسنّ وضعها على حويّه ، وأن تكون على سفره
من تفال أو نحوه والتفال الشحري الأحمر الجديد أولى من غيره ، وتكره في تفال العزف ، وقبل تحرّم
إذا وجد غيره فلم يوجد بحال الساعه وخشي من انتظاره ، لا يكلف الله نفسا إلاّ ما أتاها ،يجعل الله
بعدعسرٍ يسرًا.
فصل : اختلف اصحابنا في عصيد المسيبلي ، قال بعضهم (( تصح مع الكراهه ، لأهل الكدّ وضعنا
الجوارح واهل البادية )) . وقال بعضهم : (( مطلقا تباح بلا كراهه )) وجزم به أهل حبّان وغيرهم من
أهل الوديان ، وهو مذهبهم القويم ، وصراطهم المستقيم ، وكرهوا السمن لتوكيز عصيد المسيبلي ،
واستخاروا توكيزها بالصليط ، واشنعوا على من قال بخلاف ذلك . قلت : (( الصحيح المنصوص الطبع
المعتدل ، اذا تاقت نفسه الى عصيد المسيبلي ، ولا خاف منها أذى ولا وجعا ، ولا يبوسه ولا صفرا ،
يباح له مطلقا ، والله أعلم )).
فصل : يسن أن يحضر عند العصيد خمير أو روبه أودقيق أوريب أوتمر مديني أو مجراف أوهجري ،
ويكره افرادها عن واحد من هذين الجنسين ، اذا لم يكن في احضاره مشقه .
فصل : لا يصح الجمع بين العصيد واللحم ، ولا ما وضع بلحم ويحرم توكيزه بالمرق ، وفي توكيزها
بالمعصوبه بالروبه اقوال اظهرها مع الكراهه والله اعلم واحكم .
واما عصيد المسيبلي فقد اختلفوا المفسرين في ذلك . وقال بعضهم : تباح مطلقًا لاهل الكدّ والحرف
واهل الباديه كأهل رخيه وجردان ، وأهل عمد والوديان ، وتحرم على أهل المداين والقرى وجزم بصحتها
أهل حبان ، في سايق الأزمان ، وقد فعلوا عصيده في كعده ، وقالوا: ماوجدنا صفريه ولا عِدّه ، وظلوا
وباتوا في أعظم شدّه ، حتى جاءهم رجل من ذرية باهدا ، وقال لهم عجلوا بالغدا ، فقالوا : العذر ياذاك ،
مامعنا شي يملي شواك ، استر نحن يسترك مولاك ، فهاك بصوته هوّاك ، وتحرك عنده المحراك ،
وأمتلأت الساحه بالخدام والبدوان ، والعبيد والنسوان ، وحضر بينهم ابليس ، وشل الهاجر والمراويس ،
ونفخ في سبعه مزامير ، وحضروا آل فدعق والمحاضير ، وكلّن جرّد خنجره من بين الصروف والجفير ،
وصاحوا بقول (( يامجير إنك تجير ، من غرام المحاضير ، والأمر لله العلي الكبير )) وارتفع الأمر الى
منصب المحاضير ، فوجدوه متكئا على زير ، فقالوا : ماشانك تاكي على زير ، وانت رجل عارف بصير ؟
فقال انا طالب الحق ، من آل فدعق ، ثم زاد الكلام بينهم وتشاجرا ، واخبروا الشبلي بما جرى ، فقال :
عندي الكلام اليقين الذي لا شك فيه ولا حين ، فقالوا الحضارين اجمعين ، كلنا بكلامك ياشبلي راضيين ،
وعلى كلامك واثقين ، فقال الحكم هو ياسامعين ، الزير ينقسم نصفين ، فنصف لك ياالمحضار ، القوه
في البيت تنار ، والنصف الثاني لسقي البقره والحمار ، وعند ذلك صاح المحضار ، صيحه عظيمه تجلجلت
منها الارض والديار ، وكل صاح ياستار ، من صوته الفضيع ، وطبعه الشنيع ، ثم خرج المحضار ،
وجلس تحت الديار ، وصاح في اخوانه ، وأولاد عمه وجيرانه ، فبادروا اليه مسرعين ، والى قوله
منصتين ، فقال لهم : اتبعوني على ما اقول ، قالوا ماشانك في ما باتقول ، قال لهم بغيت منكم مواثيق
وعهود ، أن لا تقولوا علي منقود ، فقالوا له : لا نوفي كلامك حتى نعلم ماتريد ، وان كان خير تبعناك ،
وإن كان فيه ملامك تركناك ، فقال المحضار : بانحرب آل فدعق ، وبيوتهم تهدم وتحرق ، فقال من حض
ر من العقال : هذا كلام مايقال ،لإنك رجل فقير ، والحرب يغرّك غرير، ولو فيك عقل ما تحاكم على الزير ،
فلما سمعنا بهذا الكلام ، بما حصل من الغشام ، وثقنا بالمعبود ، خوفا من اللوم والمنقود ، وعزمنا لزيارة
نبي الله هود ، ونقضنا الشدود ، وسرحنا بيوم انس مشهود ، ولما وصلنا المكان المشهود ، المسمى
المشهد ، حصل لنا من أهل السلف المدد ، وسرنا محدرين ، والى مآثر الأولياء نازلين ، وللكرامه
طالبين ، ثم صعدنا الى علوى ، نرجا من اهلها المن السلوى ، حتى دخلنا القطن المشهور بالبلوى ،
فرميناهم بسهم السلام ، فلم يعرفوا رد السلام ، غير ( حيــّا ) من غير كلام ، وهم ناس لئام ، فطلبنا
منهم قوت للنشره العجام ، فقالوا : العذر لا تكثروا علينا الملام ، لأن مواشينا صيام ، قد لهن سنين واعوام ،
فبيتنا سامرين ، ومنهم واحلين ، فوجدناهم اخوان الشياطين ، يامعين انك تعين الزايرين . ثم دخلنا الى
حوره ، ارض السرق والبوره ، اهلها مغرومه تخطط لعوره ، وطلبنا من الله تحصيل المرام ، فدخلنا حريضه فوجدناها في غاية حسن النظام ، واهلها اهل المرؤة والاحترام ، فتلقوا نحن أهل تلك المدينة شبام ،
بالتعظيم والاحترام ، وهم اهل السنه حداد ، ومن اهل الشر بعاد ، لا يتقربون لسلطان ، ولايجتمعون في
مكان ، وفرحتهم الدّجر والفقوز ، يتحلقون عليه شابهم والعجوز ، ومن بعد صلاة العشا ينامون ، على صلاة الجماعه يحافظون ، وللخيرات مطيعون ، غير انهم مواظبون ، على الخمير والروبه ، رأينا أكثرهم عميان ،
والحفه في رجيلهم والأبدان ، كما شهدناهم بالأعيان ، وعندهم عيب مدموم ، لم يوجد عند نهد ولاحموم ،
ومن كانت بينك وبينه مودّه قديمه ، كأنك لم يعرفك ولم تعرفه ،
هذا ما حصل نشره على سبيل البسط والتقرير ، لأعلى سبيل التعبير ، والناقد بصير، ولا حول ولا قوة الابالله
العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله